السبت، 13 أبريل 2024


🍃
🪷  *الوساع في القلوب*
🍃


*حشد من الموتورات في قطعة من طريق لا يزيد عرضها عن مترين ،ولا يزيد طولها عن ١٥ متر.*

*منظر مهيب يستحيل أن يتوقعه أمهر المهندسين أو يحسب حسابه ،كما يستحيل أن يتخيله رسام بارع ، وتعجز الكلمات عن التعبير عنه ،ولولا مظاهر الريف المحيطة به لما نسب إلى الريف.*

*مشهد يتشكل يوميًا ،وعلى مدار الساعة بشكل عفوي ،وبدون مناسبة.*
*وكأن زقاق من أزقة المدينة انتقل هاربًا من الضجيج  ليقيم بين أحضان قرية واقعة في صدر جبل صبر ،لينعم بالهدوء والسكينة.*
*وهذا يعني أن المدنية ليست حكرا على مكان معين أو زمان ،وإنما المدنية هي مدنية الأفكار ،ومدنية الوعي والنشاط ،والشباب الطموح.*

*هذه القطعة من الأرض هي نتاج تبادل الجميل في زمن ضاع فيه الجميل والجمال في معظم المواقف والفترات ،*
*تبادل الجميل والمعروف بين شبّان حملوا آلاف الأحجار على أكتافهم ونقلوها يومًا ما إلى هذا المكان وغيره لتكون صرحا ممردا لهم ولغيرهم ،*
*وأحجار أبت إلا أن ترد لهم الجميل فحملتهم على أكتافها أبد الدهر بدون كلل أو ملل قال تعالى: " وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" [البقرة : 74]*

*يأتي إلى هذا المكان موتورات من أكثر من منطقة في الديم ،حيث يشعرون بالأنس والأمان والألفة ،ولسان حالهم يقول ( الوقوف بين الجماعة رحمة ) والمكان كعادته يُرحب بكل ظيف ولسان حاله يقول ( الوساع في القلوب)*

*وبالرغم من الإزدحام إلا أن المارة يستأنسون به ، كيف لا وهم يمرون بين صفين على جانبي الطريق كحراس الشرف ،وما ينقص المشاة إلا وجود السجاد الأحمر.*
*وكيف لهم أن يتذمروا من ثمرة من ثمار أحلامهم ،وإنجاز هم من صنعوه بعد عقود من الحرمان.*

*هذا المكان بموقعه وضيقه أصبح يؤدي عدة أغراض*
*فهو طريق ، وهو موقف ،وهو ورشة ،وهو كذلك إستراحة*
*ولذا تجد إنه على مدار الساعة يعج بالحركة*
*ويشع بالدفء ،*
*ويفيض بالحيوية*
*إنه باختصار شديد*
❣️ *القلب النابض لمنطقة الديم*

*وهو أثمن من كل أراضي المنطقة ، بل لا يُقدر بثمن ،بما يضم بين جوانبه ،وبما يحظى من مكانة واهتمام,*
*إنه القلب ،وما قيمة الجسد بدون قلب*

🍃 *ختاما*
*هذا المكان بما فيه يثبت لنا أن الفكرة السليمة لا تنمو إلا في البيئة المناسبة لها.*
*وإن الثمرة الناضجة والمفيدة هي ثمرة البذل والتسامح والإثار,*
*أما الشح والحقد فليس لهما ثمار غير الشوك التي تدمي القلوب قبل الأكف.*

🔸 *فطوبى لمن مرغوا أكتافهم وظهورهم وهم يحملون الأحجار وينقلونها ليشيدوا هذا الصرح المتواضع ،وقبله الطريق الأم.*

🔸 *وطوبى لمن بذلوا مالا أو جهدا أو أرضا ليتحقق هذا الحلم وغيره.*

🔸 *وطوبى لمن سيحرص على توسعته والحفاظ عليه.*

🔸 *وطوبى ثم طوبى لمن سعى وسيسعى للتخفيف عن أفراد المجتمع في كل زمان ومكان.*

*والعقبى لكل مناطقنا التي مازالت تعاني وتكافح من أجل البقاء.*

✒️ *أ.محمد الديم*

🍃🪷🍃